سيناء كانت دائما سؤالا وإجابة وحلم ممرات التنمية والأمن القومى والجغرافيا والتاريخ، الإجابة أن سيناء يجب أن يتم تعميرها، وتنميتها وبناء مجتمعات لا تترك فراغات بعد الثمن الغالى المدفوع فى دحر الإرهاب، بالأمس كانت سيناء على موعد مع تنمية شاملة، تواصل جهد 9 سنوات، أكثر من نصفها كان العمل يجرى فى كل الاتجاهات.
فى إبريل المقبل، تكمل سيناء العام الواحد والأربعين بعد استعادتها بالحرب والسلام، ظلت نحو 30 عاما خارج نطاق التنمية، مرتكزة على السياحة فقط فى بعض المناطق شمالًا وجنوبًا من دون مجتمعات قابلة للتوسع والتنمية، هذا الفراغ تحول أحيانًا إلى بؤر لتجمع الإرهابيين والمجرمين، ومهربى السلاح، وبعد 30 يونيو تشكلت تحالفات الإرهاب، من أجهزة وتمويلات ودعم دعائى، وتصدى له أبطال القوات المسلحة والشرطة وأهالى سيناء، ببسالة، وهزموا الإرهاب الذى فكك دولًا وأدخل أخرى فى فوضى.
ودفعت مصر ثمنًا غاليًا لمواجهة وهزيمة الإرهاب فى سيناء كمقدمة هزيمة الإرهاب فى المنطقة والإقليم، وأعلن الرئيس أن الإرهاب فى سيناء أصبح من الماضى، ولم تتوقف جهود وخطط الدولة طوال 10 سنوات عن التنمية وإنفاق نحو 610 مليارات جنيه، وتمت إضافة أراض ومناطق صناعية ومحطات تنقية وتحلية ومناطق صناعية واستثمارات، التنمية تتضاعف وتدخل سيناء مرحلة جديدة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، لتسريع التنمية الشاملة والتعمير بسيناء ما بعد الإرهاب.
وقد دفع المصريون أموالا ودما، وكانت تكلفة الإرهاب باهظة أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية إبريل الماضى، أنه منذ ثورة 30 يونيو خلال 84 شهرا من 2013 - 2017 كانت القوات المسلحة تنفق مليار جنيه كل شهر والأغلى 3277 شهيدا وأكثر من 16 ألف مصاب فى مواجهة الإرهاب.
وبهذا الثمن الغالى أصبح الإرهاب من الماضى، وتستعد الدولة للاحتفال من سيناء، وقد تحركت سفن تحمل مساعدات لضحايا الزلزال الأشقاء من ميناء العريش فى رمزية إنسانية ودلالة أمنية قوية.
ظلت المطالب أن سيناء يجب أن يتم تعميرها والتوسع فى بناء تفاصيل الحياة فيها بالشكل الذى يتناسب مع قيمتها ورمزيتها وتاريخها، ومع أهمية السياحة، كنشاط له عوائد مباشرة وكبيرة، يبقى فى مهب أى عارض، سواء كان إرهابًا أو كورونا أو حربًا، السياحة فى سيناء مهمة حيث تحظى شبه الجزيرة بإمكانات سياحية متعددة، شاطئية وكنوز طبيعية وسفارى، والسياحة الدينية والتاريخية، وبجانب هذا كله تمتلك سيناء إمكانيات زراعية وصناعية، تسمح بإقامة مجتمعات قابلة للبقاء والتوسع، مجتمعات زراعية وصناعية وتجمعات سكانية اجتماعية يمكن أن تستوعب ملايين المواطنين، وهو ما بدا واضحًا فى خطط الدولة على مدى السنوات الأخيرة، حيث وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى، تنمية سيناء كأولوية، وتم إنفاق مئات المليارات، بدأت بإقامة أنفاق سيناء التى ربطت سيناء بالوادى والدلتا، وكبارى معلقة وشبكة طرق، بجانب محطات تنقية المياه وإعادة استخدامها، واستصلاح عشرات الآلاف من الأفدنة تخلق فرص عمل مستمرة، ومجتمعات مستقرة.
كانت الخطة أن التنمية تعنى مجتمعا طبيعيا، زراعة وصناعة وسياحة، وحياة كاملة، لهذا كان التفكير فى أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، التى تضمن الاتصال الدائم بين سيناء والوادى والدلتا، وسهولة الحركة وانتقال البشر كأساس للتنمية، الأنفاق تمثل لأول مرة ممرات التنمية التى ظلت حلما لكبار المفكرين والخبراء فى التخطيط والتنمية البشرية، ممرات تحمل حركة بناء وتعمير تستوعب مجتمعات مقيمة، فضلًا عن سهولة الحركة وانتقال البشر.
عندما تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن الاتجاه لبناء الأنفاق والعبور لتنمية سيناء، ظل الأمر مجرد حلم، لكنه تحول إلى حقيقة بسواعد وجهد المصريين، وتواصلت عملية التنمية من خلال الأنفاق ومحطات تحلية المياه، وسدود لتخزين مياه السيول، ومحطات لتنقية مياه الصرف لأغراض الزراعة والصناعة.
الأنفاق خطوة كبيرة نحو تنمية وتعمير شامل لسيناء، تسهل انتقال ملايين المصريين للاستقرار والعمل والحياة، وتضيف إلى مصر مساحات جديدة، بعد أن ظلت حركة المصريين مرتبطة بنهر النيل فى الوادى والدلتا، ومساحة لا تتجاوز 6 % تقترب من الضعف بفضل التوسع الأفقى والرأسى الزراعى والصناعى، وتضاعف من قدرات جذب الاستثمارات، خاصة مع توفر الطاقة والمياه لأى تنمية زراعية أو صناعية، والطاقة المتجددة للشمس والرياح تمثل مصادر دائمة ونظيفة للطاقة، ومحطات عملاقة لتنقية مياه البحر، بجانب محطات إعادة استخدام المياه أكثر من مرة مثل بحر البقر، والمحسمة، محطة بحر البقر تعد الأكبر من نوعها بتكلفة 20 مليار جنيه، وطاقة إنتاجية 5.6 مليون متر مكعب فى اليوم من المياه المعالجة ثلاثيا، تساهم فى زراعة أكثر من 400 ألف فدان بسيناء، توفر الآلاف من فرص العمل، وتعتبر نواة لإقامة مجتمع قادر على البقاء والاستمرار، وإضافة للجغرافيا ضمن خطط متواصلة لتجاوز المساحة التى نعيش فيها منذ عقود.
بجانب الخدمات التعليمية والصحية، المدارس والجامعات والمستشفيات والوحدات الصحية، ضمن مبادرة حياة كريمة إلى سيناء وقراها وكل شبر فيها، وتحقق مطالب ونظريات حول استغلال وتعمير وتنمية سيناء، وهى نظريات توفرت لها الإرادة، وأصبحت سيناء ضمن خطط التنمية المستدامة، والمجتمعات المستمرة.
تبنت الدولة منذ عام 2014 الخطة الوطنية لتنمية شبه جزيرة سيناء لوضعها على مسار التنمية الحقيقية، وتغيير وجه الحياة بمشروعات كبيرة واستثمارات أكثر من 600 مليار جنيه خلال 8 سنوات، وإطلاق 8 مشروعات ومناطق صناعية على خريطة الاستثمار الصناعى، ونصيب كبير من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تبلغ مساحتها الإجمالية 460.6 كم2، وتكلفة البنية التحتية والاستثمارات داخل المنطقة نحو 18 مليار دولار، توفر مشروعات المنطقة 100 ألف فرصة عمل مباشرة.
ومن المشروعات الصناعية مجمع الصناعات الصغيرة بجنوب الرسوة بمحافظة بورسعيد ويضم 118 وحدة، ومصنع تعبئة الأسماك بالقنطرة شرق بطاقة 2500 طن سنويًا، ومصنع إنتاج الرخام والجرانيت برأس سدر، والمجمع الصناعى للرخام بمنطقة «الجفجافة» بوسط سيناء بطاقة 3 ملايين م2 سنويًا، وبتكلفة 805 ملايين جنيه، ورفع الطاقة الإنتاجية لمصنع العريش إلى 7 ملايين طن سنويًا، بجانب المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فى سيناء ومدن القناة، وأعلنت الحكومة أنه تم تمويل 42.5 ألف مشروع من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، الشاهد أن سيناء أصبحت أحد أهم ممرات التنمية تربطها أنفاق بالوادى والدلتا وتمثل إضافة للجغرافيا والاقتصاد والتنمية المستديمة، الإرهاب من الماضى وسيناء تنظر للمستقبل.